Covid-19EconomicsEgyptMiddle Eastتحركات بعض الصناديق الاستثمارية السيادية على ضوء جائحة كوفيد-19

July 27, 2020by Ohoud Wafi0

(النرويج – المملكة العربية السعودية – مصر)

في غضون الأزمة المالية في 2008، ارتأت الصناديق السيادية العربية المختلفة فرصة لاقتناص حصص ذات أسعار زهيدة في العديد من الشركات الغربية. تميزت صناديق كل من المملكة العربية السعودية والإمارات بدراسة الاعتبارات طويلة الأجل وتعبئة الأموال، حيث تركز صناديقهم الاستثمارية على تعظيم الاستفادة من الأزمات لشراء الأصول والأسهم بأسعار منخفضة، مستهدفة في ذلك بعض القطاعات، مثل الصحة أو التكنولوجيا. لكن التأثير الأوسع للأزمة الحالية (كوفيد-19) جعل من الصعب على معظم الدول اتباع نفس النهج اليوم. على الصعيد الآخر، نرى دول مثل جيبوتي تبدأ في خطاها تجاه بناء صندوقها السيادي في الوقت الحالي رغم التذبذبات الاقتصادية، حيث أعلنت جيبوتي بموجب قانون 29 مارس 2020 والمراسيم التنفيذية الصادرة في 24 يونيو 2020 عن إنشاء صندوق سيادي، كخطوة مهمة في خطة رؤية جيبوتي 2035، سعياً في جعل دولة جيبوتي مركز تجاري ولوجستي متميز ذو موانئ مهمة.

يستعرض المقال موقع بعض الصناديق السيادية ودورها في ظل جائحة كوفيد-19، منذ بداية الأزمة وحتى نهاية يونيو 2020، وذلك من خلال استعراض ثلاث نماذج: النرويجي والسعودي والمصري.

1. نبذة عن تعريف الصناديق السيادية

يعتبر مجلس الاستثمار الكويتي الذي تأسس عام 1953 هو أول صندوق ثروة سيادي في العالم. والصناديق السيادية أو المحافظ السيادية هي إحدى أذرع الدولة الاستثمارية التي تدار غالباً بشكل حريص وبدقة بالغة، وهو مصطلح يعني المحافظ الاستثمارية التي تقوم بإدارة بعض ثروات الدولة، والاحتياطات المالية لحكومتها. وقد تتكون تلك الصناديق من ثروات متعددة مثل الأراضي، والأسهم، والسندات، والعقارات تجارية، وغيرها من أدوات استثمارية. إلا أن نمط وأشكال تلك المصادر يختلف مع زيادة سعي الدول لرفع نسب عوائدها. لذلك تمثل السرية أو عدم الشفافية التي قد تحيط أحياناً بتلك الصناديق السيادية أحد أكبر المخاطر، بينما من أكبر مميزاتها إمكانية نموها السريع بشكل ملحوظ وقدرتها على اختيار الاستثمار طويل الأجل عالي الربحية بدلاً من إيثار الربح القريب.

قد تؤدي الصناديق السيادية بشكل إيجابي لخلق بيئة أكثر أماناً نتيجة التعاون الذي ينشأ بسببها بين الدول، حيث تزداد الثقة المتبادلة، إلا إن هذا يرتبط ارتباطاً مباشراً بالآتي: (1) شكل وطبيعة الحوار الاقتصادي بين الحكومات وصناديق الثروة السيادية والقطاع الخاص، و(2) زيادة التبادل في الخبرات المتعلقة بحماية الأمن القومي وتطوير وجهات نظر مشتركة حول سياسات الاستثمار التي تراعي مبادئ التناسب والشفافية والقدرة على التنبؤ والمساءلة.

رغم جهود الدولية، مثل تلك التي جاءت بالمنتدى الدولي لصندوق الثروة السيادية الذي تم إنشاؤه في عام 2009 والذي يعود له الفضل في نشر مبادئ سانتياغو الـ 24 بشأن الحكم الرشيد، إلا إنه في الواقع لا يوجد أي قواعد دولية ملزمة للصناديق السيادية.  ويعتبر التزام بعض الدول بالمعايير مثل الشفافية يساهم في السماح للدول بالتعامل بشكل مختلف عن نظيرتها مع الأزمات الاقتصادية، حيث يسمح نمو الصناديق بدعم تمويل الدولة بشكل مباشر، وأيضاً الاعتماد على تلك الصناديق كضمان في حال الاحتياج للجوء لقروض دولية. في حين قد يتسبب سوء إدارة الصناديق السيادية في تهديد الأسواق المالية، واحتمالية تزاحم مع القطاع الخاص.

تغتنم حالياً حكومات بعض الدول الوضع الاقتصادي الناتج عن جائحة كوفيد-19 لتحقيق بعض الصفقات الاقتصادية من خلال صناديقها السيادية، لتجعل بذلك من تلك الصناديق وسيلة لحقيق التنوع الاقتصادي في المستقبل من خلال اقتناص نسب من أضخم المشاريع العالمية، وتحقيق المكاسب بعيدة المدى، وجعلت من تلك الصناديق أحد أهم أدواتها الحالية الوطنية لمكافحة انتشار فيروس كوفيد-19.  ونجد أن الصناديق السيادية في الدول العربية اتجهت الآن نحو تعزيز الاستثمار في المجال الصحي والغذائي، ومجال السياحة والترفيه. وظهر سعي بعض الصناديق السيادية لتوفير السيولة أو دعم للشركات، أو التعويض عن هروب رأس المال وضمان الاستقرار النقدي. ليمثل هنا نموذج الصناديق السيادية أداة أكثر مرونة وأسرع في الحركة للدول في وقت الأزمات، تستهدف بشكل مباشر إنقاذ بيئة الاستثمار. وعليه، تظل بذلك تجربة الصناديق السيادية أمر في حيز التجربة، وأداة اقتصادية مباشرة ذات أهمية بالغة في إيدي حكومات الدول لترجيح الصالح الوطني وقت الأزمات.

2. الصناديق السيادية أداة لتجاوز الأزمة الصحية القومية الآن: النرويج نموذجاً

تضم آسيا 6 من أكبر 10 الصناديق السيادية في العالم، إلا أن الصندوق السيادي الأكبر عالمياً يقع في النرويج ويسمى “صندوق معاشات التقاعد”. برعت النرويج في استخدام صندوقها السيادي كأداة لتجاوز الأزمة سعياً منها إلى المحافظة على شقين: الأول هو الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل، والثاني هو التنمية الاقتصادية. سحبت النرويج 37 مليار دولار من صندوقها السيادي عن طريق تسييل أصول لتساند متطلبات التعامل مع تحديات الأزمة الصحية وانخفاض سعر النفط. ويعطي هذا الوضوح في أولويات الصناديق السيادية الحق في سحب الأصول بشكل دوري لخدمة ميزانية الدولة.

وكان صندوق النرويج السيادي يشكل 13.2% من إجمالي أصول الصناديق السيادية في العالم حتى مارس 2020، وكانت تعادل قيمة الصندوق أكثر من 192 ألف دولار لكل مواطن في النرويج. بدأ الصندوق في العمل الفعلي عام 1996، وبعدها بعشر سنوات تمّ تغيير اسم الصندوق النرويجي ليصبح الصندوق التقاعدي الحكومي النرويجي، حيث تقوم وحدة الاستثمار في المركزي النرويجي بإدارته نيابة عن وزارة المالية، وترتكز النسبة الأكبر من استثماراته في أمريكيا الشمالية. وكان من أكبر صفقات صندوق النرويج شراؤه أسهم في شركات آبل ومايكروسوفت وغيرهم. كما يهتم الصندوق بتعزيز قيمة محفظته العقارية. وعلى مدار الأزمات المختلفة، تميز الصندوق النرويجي بإعطائه أولوية للحماية المجتمعية عن البحث عن زيادة الفرص الاستثمارية في وقت الأزمات.

وضعت الحكومة في ظل الأزمة الراهنة لفيروس كوفيد-19مخططًا يستلزم أن تغطي الدولة نسبة من التكاليف الثابتة للشركات التي لديها انخفاض كبير في معدل دورانها بسبب تدابير مكافحة الوباء. وعليه أعلن وزير المالية النرويجي أن الصندوق سوف يساهم لتخطي الأزمة الحالية: “سيقدم الصندوق ما يصل إلى 50 مليار ليتم استثمارها في السندات التي تصدرها الشركات النرويجية. وهذا إجراء لدينا تجربة إيجابية معه مع الأزمة المالية لعام 2008”. لتكون الأموال التي سوف يضعها الصندوق بمثابة تعويض عن خسارة الإيرادات. وتصل المنحة بحد أقصى 90% من التكاليف الثابتة التي لا يمكن تجنبها للشركات التي تم إغلاقها بسبب قرارات حكومية، و80% للشركات الأخرى. ويسري هذا القرار منذ مارس وحتى مايو الماضي، على أن يتم تجديد الطلب بشكل شهري.

3. الصناديق السيادية وسيلة للتنوع الاقتصادي مستقبلياً: المملكة العربية السعودية نموذج بارز

تجمع المملكة العربية السعودية بين عدة أنواع من الصناديق، منها “صندوق ساما للأصول الأجنبية” والذي يديره البنك المركزي السعودي (مؤسسة النقد العربي)، و”صندوق الاستثمارات العامة” وهو صندوق ثروة سيادي مخصص. يعتبر النموذج السعودي للصناديق الاستثمارية من أكثر النماذج المثيرة للاهتمام. ففي 2015، كلف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان صندوق الاستثمارات العامة بتنويع اقتصاد البلاد بعيدًا عن النفط في إطار رؤية المملكة 2030، من خلال الاستثمار في الشركات والصناعات غير المرتبطة بالهيدروكربونات، بجانب الاستثمار في مجالات محلية مثل السياحة داخل المملكة. ولكن على هامش الأزمة الاقتصادية الحالية إثر جائحة كوفيد-19، واجهت المملكة تحديات في الاعتماد على المجالات المحلية مثل السياحة والترفيه أو حتى البترول لتحقيق هذا التنويع الاقتصادي، وزاد على هذا توقف السياحة الدينية وانهيار أسعار النفط، مما جعل الوضع المالي السعودي في أصعب اختبار مر به حديثاً. اتخذت المملكة بعض القرارات الداخلية في محاولة لتخطي الفترة الراهنة مثل مضاعفة معدل ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% وخفض الدعم مثل إيقاف “بدل غلاء المعيشة”. ثم شرعت من خلال الصندوق السيادي السعودي في البحث عن فرص وشراء حصص في الشركات العالمية، مستفيدة من تراجع السوق حالياً ومن قدرة الصندوق على الصمود المؤسسي لحين مرور الأزمة.

الآن، تسارع المملكة العربية السعودية من خلال صندوق الاستثمارات العامة لاقتناص نسب من أضخم المشاريع العالمية، على وجه الأخص في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تحاول الأخيرة اجتذاب كل من الكويت والإمارات والسعودية من خلال صفقات كبيرة. تلك الخطوات قد يكون لها بُعد اقتصادي واضح، إلا أنها تحمل في طياتها أيضا بُعداً سياسياً من الصعب رسم كافة ملامحه الآن، وإن كان من الممكن توقع بعضها.

يمثل صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية واحد من أهم أذرع الدولة السعودية وأبرز مصادر قوتها الناعمة. كما تسلط سياسة وشراء الأسهم بشكل جلي الضوء على الاستراتيجية الجريئة التي تنتهكها المملكة لتحقيق التنوع الاقتصادي في ظل الأزمة الراهنة. حيث برز بشكل جلي نشاط الصندوق في 2020 والذي تبلغ قيمته المقدرة بين 320 و400 مليار دولار كواحد من أكبر الباحثين عن الصفقات في العالم. ويذكر موقع السوق المالي السعودي “تداول” أن الصندوق لديه محفظة تتكون من حوالي 200 صفقة، منها حوالي 20 استثمار مدرجة في السوق المالية السعودية. وبجانب التنويع الاقتصادي المهم الذي تعتمد عليه الرؤية السياسية والقومية الحالية في المملكة في إطار رؤية 2030، والذي تحاول المملكة تحقيقه من خلال الخطوات الجريئة التي يتخذها صندوق الاستثمارات العامة، هناك تأثير سياسي كبير لها. ورغم صعوبة الاستثمار الخارجي حالياً لأسباب جيوسياسية، فالخطوات التي تتخذها المملكة قد تؤثر على الخريطة الاستثمارية لها، ومن ثم تساهم في المحافظة على وضعها السياسي العالمية.

لذلك من المتوقع أن تزيد المملكة استثماراتها الخارجية من خلال صندوقها السيادي في البلاد الصديقة والحليفة التي ترغب المملكة في الحفاظ على علاقات وطيدة معها، أو القطاعات التي ترغب في تحقيق الريادة فيها. ويعزز هذه النظرية توجه الصندوق نحو تعزيز ثقله في الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال شركات قوية، احتمالية احترامها لكافة القوانين والأدوار المنوطة لها بيئياً واجتماعياً كبيرة، مما قد يعود بالنفع على الصناديق ومن ثم الدول التي استثمرت فيها. ومن المتوقع أن يكون لهذه السياسية التي تنتهجها المملكة أثر إيجابي على مؤشرات رؤية 2030 وسوق العمل، بعد توقف معظم المشروعات القومية المحلية في الأشهر الأخيرة. ومن الواضح أن المملكة تبذل قصارى جهدها في هذه الفترة للحفاظ على صدارة حجم صندوقها السيادي وسط 93 صندوق آخرين حول العالم، يستحوذون جميعاً على أكثر من 8.23 تريليون دولار من الأصول المالية والاستثمارية، أي ما يقرب من 10% من إجمالي الناتج العالمي، وذلك عن طريق الاستثمار الخارجي. ومن المتوقع أيضاً أن تؤثر هذه الخطوات إلى نجاح الصندوق في الاقتراض، وفي وضع خطة واقعية لإدارة إي ديون.

تعتبر تلك الصناديق مؤسسات شديدة التحمل، على عكس المستثمرين الاعتياديين، وعلى هذا الأساس استثمر صندوق الاستثمارات العامة في بعض الشركات التي تشهد خسائر ليست بقليلة في الوقت الحالي مثل شركات النفط وشركة بوينج لصناعة الطائرات، هذا لعلم الصندوق أن سعر تلك الأسهم يتوقع أن يعود للارتفاع بعد انتهاء الجائحة وأن الصندوق يقدر على انتظار مرور الجائحة لتحصيل مكاسبه. والجدير بالذكر أن تلك الصفقات كلها استحواذ بنسب لا تتجاوز الـ 5% في أي شركة بعينها، كما لم يتم وضع أي من المسؤولين في الصندوق على مجلس أمناء أي من تلك الشركات (على الأقل حتى الآن)، في إشارة أنه لا يوجد نية لتغيير سياسات أو خطط أي من الشركات التي اشترك فيها الصندوق.

قال الصندوق في بيان رسمي إن لديه أربعة مصادر تمويل رئيسية هي (1) ضخ رأس المال من الحكومة و(2) تحويل الأصول الحكومية و(3) القروض وأدوات الدين للاستفادة من أسواق رأس المال و(4) الأرباح من الاستثمارات، لذلك يعتبر الصندوق في هذه المرحلة في رحلة للبحث المستمر الدقيق عن مصادر مختلفة لتحسين رأس ماله. لكن هذا لا يمنع وجود بُعد استراتيجي في اختيار تلك الشركات، حيث أنها ستساعد في تشبك أقوى بين الصندوق ومجتمع الأعمال في دول المقر للشركات المستثمَر بها، بالإضافة إلى ظهور توجهات رؤية 2030 في بعض القطاعات المختارة مثل قطاع الترفيه والإنتاج الفني والتكنولوجيا حيث ترغب المملكة في الحصول على بصمة أقوى عالمياً في تلك القطاعات.

4. الصناديق السيادية الصاعدة: النموذج المصري

اشتهر صندوق “تحيا مصر” بشكل ملحوظ في السنين الأخيرة في جمهورية مصر العربية. وكانت قد أعلنت رئاسة الجمهورية في يوليو 2014 عن تدشين الصندوق لدعم النمو الاقتصادي. ثم لعب صندوق تحيا مصر دوراً مهماً في السنوات الأخيرة خاصة في مجالات تنموية متعددة، وتبلورت أكثر رؤيته، ليستهدف الآن المشاركة في تنفيذ مشروعات قومية تنموية تهدف إلى وضع حلول جذرية للقضايا والظواهر الاجتماعية، لذلك لعب دوراً بارزاً في علاج فيروس سي وفي ملفات مثل ملف الأطفال بلا مأوى وتسديد ديون الغارمين ومساندة المشروعات الصغيرة للشباب. كما لعب دوراً كبيراً في ظل جائحة كوفيد-19 حيث أطلق حملة “نتشارك، هانعدي الأزمة” لمواجهة فيروس كورونا المستحدث. ويتميز في طريقة إدارته بأنه يلعب دور مظلة رسمية للعمل المجتمعي في مصر، حيث يقوم بالتنسيق مع مختلف الجمعيات ومؤسسات المسئولية المجتمعية والوزارات في المشروعات الكبيرة. ويتمتع الصندوق باستقلال مالي وإداري، ويتبع رئاسة الوزراء. إلى إن بدأ عمل الصندوق في توضيح أهدافه التنموية وليست الاستثمارية، والتي ظهرت في القانون رقم 84، لسنة 2015.

في بداية ظهور الصندوق ونموذجه الحديث في مصر، لم يكن من الواضح للعامة إذا كان يعتبر صندوق تحيا مصر هو صندوق استثماري سيادي أم فقط اقتصادي تنموي، إلا أن الحاجة للنموذجين أصبحت أكثر وضوحاً، كما أصبح من الجلي إن وجود نموذج واحد لا يغني عن الثاني في ظل التحديات التنموية والاقتصادية التي قد تعرقل رؤية مصر 2030.

ثم جاء قانون رقم 177 لسنة 2018 بإنشاء صندوق مصر السيادي بهدف رفع كفاءة المنظومة الاقتصاد القومي الوطني، لتظهر مصر في قائمة الدول ذات الصناديق السيادية الاستثمارية. وكان قد تم إنشاء الصندوق ككيان مشترك، تضمن شقين: (1) رأس مال الصندوق، (2) والأصول غير المستغلة.  حيث يعتمد الصندوق المصري على الثروات العقارية للحكومة المصرية، واستغلال الموارد التي لم يتم الاستفادة منها الاستفادة القصوى في الماضي. ويبذل الصندوق منذ تدشينه الجهد لتوسيع مجالات تركيزه، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات بهدف الاستفادة من بعض الأصول المملوكة لبعض الكيانات الحكومية، شملت اتفاقيتي تعاون استثماري في نوفمبر 2019 مع وزارة قطاع الأعمال العام وبنك الاستثمار.

وتبذل مصر الآن جهداً موصولاً سعياً لتطوير مشروع قانون يهدف إلى تعديل بعض أحكام القانون رقم 177 لسنة 2018 كخطوة لرفع كفاءة منظومة الاقتصاد القومي الوطني، وأصبح العمل على إعادة تسمية الصندوق ليعكس الهدف الحقيقي من تدشينه أحد الأولويات، حيث يقترح القانون إن يتم تغير اسم الصندوق من “صندوق مصر” إلى “صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية”، ليتماشى مع رؤية مصر 2030 للتنمية.

وكان قد وافق مجلس النواب خلال جلسته العامة في أول أسبوع من يونيو 2020 على تعديل بعض أحكام قانون صندوق مصر السيادي والتي أحالها فيما بعد لمجلس الدولة. ويعمل مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب في يوليو 2020 على تسهيل بعض الأمور للدولة فيما يخص إدارة أموال وأصول الدولة أو الجهات والكيانات والشركات التابعة لها، أو التي يُعهد إليها إدارتها، أو التي تساهم فيها، مثل الثروات العقارية، خاصة مع غياب منظومة واضحة لاستثمار تلك الثروات، بشكل يخدم خطط الدولة في التنمية ويعظم المنفعة الاقتصادية منها.

تم تصنيف صندوق مصر السيادي لأول مرة ضمن الصناديق السيادية العالمية لمعهد صناديق الثروة السيادية العالمية، حيث حصل على المرتبة الـ 43 ضمن 90 صندوق عالمي، وتم الإعلان عن أصول الصندوق التي تقدر بـحوالي 12 مليار دولار، والتي تمثل 0.14% من إجمالي أصول الصناديق السيادية العالمية. وتستهدف المرحلة الأولى للصندوق المتخصص تعظيم الأصول على المدى الطويل عن طريق استغلال فرص الاستثمار وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر والسعي لفرص استثمارية مشتركة في المشاريع الكبيرة، وتوجد هنا فرصة لدعم نمو القطاع الخاص المصري من خلال إشراكه في تلك المشاريع خاصة عن طريق شراكة القطاعين العام والخاص (Public Private Partnerships) والسماح بتبادل الخبرات لرفع الثقة بين كل الصندوق والمستثمرين المصريين.

كما قام صندوق الثروة السيادية المصري في يونيو 2020، بالإعلان عن إعادة ترتيب أولوياته لتشمل القطاعات الحيوية، بما في ذلك قطاع الرعاية الصحية، بسبب أزمة جائحة كوفيد-19، حيث أعلن عن سعيه لإنشاء شركة مشتركة مع مجموعة كونكورد الأمريكية الدولية بهدف تدشين شركة لإدارة صندوق متخصص في الرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى تصنيع الأغذية والأدوية، وخدمات الرعاية الصحية والخدمات المالية وقطاعات الإدماج المالي، بالإضافة للإعلان عن إنشاء أربعة صناديق تحتوي القطاعات ذات الأولوية، يتبعهم إنشاء ثلاث صناديق طبقاً لجريدة الأهرام الرسمية.

وقد تكون إحدى الخطوات الطويلة الأجل هي استغلال الصندوق المصري السيادي في حال حدوث أزمات اقتصادية كبيرة في المستقبل لصالح المواطنين بشكل وطني، كما أنه قد يلعب دوراً بارزاً في مساندة الدولة لسد عجز الموازنة العامة، والمساهمة في الناتج المحلي لتعزيز نصيب الفرد من ثروات الدولة. ونرى أن مصر قد تستفيد من مواردها الطبيعية في هذا الشأن، أو ببعض الصناعات التي تتميز مصر بها والتي تتميز بالفائض العالي في التصنيع، مثل صناعة الألومنيوم أو الأسمنت لزيادة استثماراتها.

تظل الصناديق السيادية ظاهرة فريدة من نوعها، يحكمها النظام الداخلي لكل دولة، حيث تعتبر أداة يمكن استخدمها لرفعة الاقتصاد الوطني وتعزيزه ومساندته وقت الأزمات، أو أداة لزيادة التنويع الاقتصادي، كما يمكن استغلالها لخلق مساحة اقتصادية آمنة للأنظمة بعيداً عن بيروقراطية البيئة الاقتصادية المحلية ذاتها، بحيث تشجع الاستثمار المسؤول وتحفزه. لذلك تظل التحليلات المتعلقة بالصناديق السيادية أمر في غاية الأهمية، تعكس أولويات الدول بشكل مباشر كما يستمر أيضاً تطوير نموذج هذا النوع من المحافظ الاستثمارية ومعايير عملها، لضمان كفاءتها وتشجيعها للتنافسية، والتأكد من إدارتها للأصول السيادية إدارة رشيدة تضمن حوكمة الصناديق السيادية.

Ohoud Wafi

Ohoud holds a bachelor’s degree in Political Science from Cairo University as well as a master’s degree in Comparative Politics specialized in the Arab World from Saint Joseph University in Beirut. She started her career in civil society and R&D in Egypt in 2012. Currently, Wafi is a PhD candidate at University of Diderot Paris in Anthropology and she works as Senior Political Analyst for Synerjies. Wafi has worked for several organizations, such as Nahdet El Mahrousa, Misr el Kheir Foundation, the AUC and Handicap International-Egypt. She has experience in implementing different projects relating to R&D, innovation, education, health and the preservation of arts and culture. Wafi is currently focusing in her researches on the Arab/MENA region from a Political Anthropology lens.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

About Synerjies

Synerjies Center for International & Strategic Studies is a trailblazing corporate think tank in the Middle East & Africa region, uniquely blending private initiative for public good. We specialize in guiding decision-makers across governments, international bodies, and corporations through the complexities of today’s rapidly evolving geopolitical and economic landscapes.

Follow Us
AVANTAGEHeadquarters
Organically grow the holistic world view of disruptive innovation via empowerment.
OUR LOCATIONSWhere to find us?
https://synerjies.com/wp-content/uploads/2019/04/img-footer-map.png
GET IN TOUCHAvantage Social links
Taking seamless key performance indicators offline to maximise the long tail.

Copyright by Synerjies. All rights reserved.