أثر فيروس كورونا على الأسرة المصرية

جاء تفشي فيروس كورونا المستجد مصاحباً له تداعيات مؤلمة تأثر بها الاقتصاد المصري بما فيه من زيادة في الإنفاق حكومي مع انخفاض حاد في الإيرادات ووضع ضبابي للقطاع خاص وأصحاب أعمال والعمال والموظفين، حتى طالت هذه التداعيات معيشة الأسرة المصرية. وهذا ما قد تم دراسته من قبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للكشف عن تأثير هذه الجائحة على التشغيل والدخل وبالتبعية التأثير الواقع على النمط الاستهلاكي للأسرة المصرية منذ بداية تفشي الفيروس في فبراير 2020 حتى نهاية مايو 2020.

أبرز نتائج الدراسة:

من جانب التأثير على تشغيل ودخل أفراد الأسرة المصرية:

وجدت الدراسة أن 61.9% من إجمالي الأفراد تغيرت حالتهم العملية، حيث أن أكثر من نصف الافراد المشتغلين (55.7%) أصبحوا يعملون أيام عمل أقل أو ساعات عمل أقل من المعتاد لهم، و26.2% من الأفراد تعطلوا، و18.1% أصبحوا يعملون عمل متقطع.

ومن بين المشتغلين قد تأثر دخل البعض بسبب الوضع الاقتصادي المتأزم في بعض جهات العمل. فقد كشفت الدراسة أن 73.5% دخلهم قد انخفض، وأقل من 1% ارتفع دخلهم. واختلفت أسباب انخفاض الدخل وكانت أغلبها بسبب الإجراءات الاحترازية والتعطل وانخفاض الطلب على النشاط.

من جانب تأقلم وتدبير الأسرة المصرية:

مع كل هذه التغييرات عملت الأسرة المصرية على التأقلم والتدبير من حيث استهلاكها للسلع وخاصةً السلع الغذائية وأيضا من حيث تعويض النقص في الدخل. وبالطبع شهدت الأدوات الطبية (قفازات – كمامات)، المنظفات والمطهرات وفواتير الإنترنت زيادة ملحوظة في معدلات الاستهلاك 46.5%، 67٪ و5.6٪ على التوالي وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس. ولكن في الأساس قد خفضت 89.8٪ من الأسر من استهلاك اللحوم والأسماك والطيور والفاكهة بينما ارتفع استهلاك 92.5٪ من الأسر من البدائل الأقل تكلفة مثل الأرز، وزيت الطعام، والبقوليات. وللمزيد من التدبير تعتمد 50.1٪ من الأسر على المساعدات من الأصدقاء والاقارب ثم تقليل كمية الطعام في الوجبات (36٪) ثم تقليل عدد الوجبات الغذائية اليومية (19.8٪).

ولتعويض النقص في حالة عدم كفاية الدخل فإن حوالي نصف هذه الأسر 50.3% تقوم بالاقتراض من الغير، وحوالي 17.3% من الأسر تعتمد على مساعدات أهل الخير، في حين أن حوالي 5,4% من الأسر حصلت على منحة العمالة غير المنتظمة ويعتمد 1.5% على بيع جزء من الممتلكات.

كيف من المتوقع أن يتطور هذا الوضع في المستقبل؟

بدأت الحكومة في التخفيف من الإجراءات الاحترازية وإعادة الأنشطة الاقتصادية وتخفيف ساعات حظر التجول وفتح حركة الطيران مما يدفع إلى العودة إلى وضع اقتصادي متعافي بعض الشيء وأقل حدة مما كان عليه خلال الأشهر الماضية مصحوباً بعودة التشغيل والحد من الاستغناء عن بعض العمالة أو خفض دخل بعض المشتغلين. وبالفعل ارتفع مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخاص غير النفطي في مصر PMI الصادر عن IHS Markit إلى 44.6 نقطة في يونيو مع عودة افتتاح بعض الأنشطة الاقتصادية من 40.7 في مايو وبعد أن كان قد سجل مستوى قياسياً منخفضاً في ابريل عند 29.7 نقطة (فترة تشديد الإجراءات الاحترازية).

فيما قد تؤثر بعض القرارات التي تتخذها الحكومة على معيشة الأسر المصرية ولكنها في الوقت ذاته تعمل على تعويض انخفاض إيرادات الدولة منذ بداية الجائحة ومن بين هذه القرارات، أعلان وزير الكهرباء المصري، محمد شاكر عن زيادة أسعار الكهرباء في مصر لاستخدام المنازل خلال العام المالي 2020/21، اعتباراً من يوليو 2020 وحتى يونيو 2021. كما وافق مجلس النواب، يوم الأحد5 يوليو على مشروع قانون استقطاع نسبة 1% شهرياً من صافي دخل العاملين المستحق من جهة عملهم، ونسبة 0.5% من صافي المستحق من المعاش، لأصحاب المعاشات والمستحقين، وذلك لمدة اثني عشر شهراً اعتباراً من 1/7/2020. وصرح وزير المالية الدكتور محمد معيط أن الهدف من تقدم الحكومة بمشروع القانون هو المساهمة التكافلية لمواجهة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار الاوبئة او حدوث الكوارث الطبيعية، في ظل ما تعانيه مصر من مشكلات بسبب أزمة فيروس كورونا حيث فقدت الدولة 130 مليار من إيراداتها في آخر 3 أشهر مشيرا إلى أنه كان مخططا زيادة المرتبات والمعاشات، وتخفيض ضريبة كسب العمل. فيما أوضح أن هذه المبالغ التي سيتم استقطاعها من الدخل ستكون لصالح صندوق يهدف إلى الإنفاق على حالات الأمراض والأوبئة مثلما حدث في جائحة فيروس كورونا. من المتوقع أن يحدث هذا الاستقطاع تغيير في أنماط استهلاك الأسر المصرية ويحد من استهلاك الأسر لمزيد من السلع. ولهذا يمكن القول إن إبراز دور وزارة التضامن الاجتماعي ومنظمات المجتمع المدني، أمر في غاية الأهمية في هذه الفترة للعمل على كفالة الأسر الأكثر احتياجاً والإسهام في الحد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة على المواطنين.